- " جميع الأطفال يكبرون .. ما عدا واحداً .. لا يكبر أبداً ! "
كانت هذه العبارة هي بداية الفقرة الأولى من قصة " جيمس باري " الكلاسيكية ( بيتر بان ) ... الشخصية الخيالية التي تعيش في نيفر لاند ( أرض أبداً ) حيث لا يكبر الأطفال أبداً ....
< كيف إخترع جيمس باري قصة شخصية بيتر بان ؟
في إحدى السير الذاتية للمؤلف ( جيمس باري ) .. تم كتابة ( أن كل حياة جيمس باري أدت إلى خلق بيتر بان ) .. فكيف هذا ؟
- النقطة المحورية التي أدت إلى خلق بيتر بان في خيال ( جيمس باري ) عند كان في السادسة من عمره , في عائلة أسكتلندية مكونة من 10 أطفال , وكان هو أصغرهم سناً , وفي عام 1866 , توفى شقيقة ( ديفيد ) المحبب لوالديه , وذلك قبل يوم ميلاده الـ 14 , في حادثة تزلج , فتدمرت الحالة النفسية لوالدة ( جيمس ) , ومن أجل ان يقوم جيمس بالتخفيف عنها , راح يقلد كل سلوكيات أخيه ديفيد المتوفي , وجميع حركاته , وإرتداء ملابسه , حتى انه كان يقوم بمحاكاة طريقة صفيره !
وكما كتب ( جيمس ) في مذكراته .. أن أمه قد وجدت الراحة في كون إبنها ( ديفيد ) المتوفي سيبقى صبياً إلى الأبد ولن يكبر .
وعندما وصل جيمس إلى عمر 13 سنة .. توقف طوله حرفياً عن النمو, فقد بلغ طوله 5 أقدام فقط ( 161 ) سم , وفقاً لبيانات جواز سفره عام 1934م .
- من الطفولة كان إهتمام ( باري ) واضحاً في حب الروايات والمسرحيات وكتابتها , لذا فبعد تخرجه من الجامعة , إنتقل إلى لندن لممارسة مهنة الكاتب , وسرعان ما تم نشر أعماله .
الأطفال الضائعون وكابتن هوك
- في عام 1899 , وبينما كان يعاني ( باري ) زواجاً فاشلاً , قام باري بمصادقة ( جون وجورج وبيتر ديفيز ) وأمهم ( سيليفيا ) في كنسينغتون في لندن بارك في لندن , وكان ( آرثر ديفيز ) - والد الأطفال - مشغولاً دائماً بعمله كمحامي , ولا يقضي الكثير من الوقت مع أسرته , لذا فـ ( باري ) كان سعيداً جداً باللعب مع الأطفال وقضاء الوقت معهم , وأصبح الزائر الدائم لديهم , حتى أنه إستأجر كوخ قريب منهم عندما ذهبوا في أجازة في سري Surrey ( وهي مقاطعة إنجليزية في الجنوب الشرقي من إنجلترا ) .
- كان ( باري ) يشعر بانه يستطيع أن يكون نفسه فقط مع هؤلاء الأطفال , فكان يلتقي بهم يومياً في الحديقة او في منزلهم , يلعبون لهبة الهنود , أو يتظاهرون بإنهم قراصنة , وكان يحكي لهم ( باري ) حكايات الجنيات والطيور ويتصرف مثلهم .
- في عام 1901 , أمر ( باري ) بطباعة نسختين فقط من كتاب قصص مصورة تحكي عن مغامراته مع الأطفال (جون وجورج وبيتر ) وكان الكتاب بعنوان ( الأولاد المنبوذين من جزيرة البحيرة السوداء ) , وقد قدم نسخة لوالد الأطفال ( آرثر ديفيز ) , الذي كان مسافراً على متن القطار بالفعل , وفي العام التالي نشر ( جيمس باري ) كتابه ( الطائر الأبيض الصغير ) ( The Little White Bird ) , وكانت قصة بداخل قصة , حيث ظهرت فيها لأول مرة شخصية ( بيتر بان ) .. حيث يقول الراوي في القصة عن بيتر بان
" هو صبي يبلغ من العمر 7 سنوات , ترك والديه وطار بعيداً للعيش مع الجنيات , حيث أن جميع الاطفال يستطيعون الطيران في البداية , ولكن سرعان ما ينسوا كيف يطيرون , وقد عاد بيتر في النهاية إلى منزله , ولكن إغرورقت عيناه بالدموع عندما رأى والديه من نافذة المنزل وقد إستبدلوه بطفل آخر .. وقاموا بنسيانه .. فعلم بيتر وقتها انه لا يمكنه العودة أبداً إلى منزله , وأنه لن يكبر أبداً " .
- أما شخصية ( الكابتن جيمس هوك ) , فقد إستاقها ( جيمس باري ) من شخصه , فقد عاني ( باري ) من شلل في يده اليمنى بسبب مرض إلتهاب الأوتار , لذا فظهرت شخصية الكابتن ( هوك ) بلا يد يمنى , وكان يعاني دوماً من ملاحقة التمساح الذي إبتلع ساعته , في إشارة من ( جيمس باري ) إلى مطاردة الوقت القاسية في حياته .
- وأضاف ( جيمس باري ) شخصية ( ويندي ) كأخت للأطفال في حكايات بيتر بان , إستناداً على شخصية حقيقية وهي إبنه صديقه الصغيرة المتوفاه W.E. Henley ( هينلي ) والتي كانت تبلغ 6 سنوات فقط عندما ماتت , وكانت تنادي ( باري ) بـ ( fwendy ) - أي ( friend ) , لإنها لم تكن تستطيع نطقة الكلمة بطريقة صحيحة , ومنها إخترع ( باري ) إسم ( ويندي ) Wendy , وسرعان ما أصبح ( ويندي ) واحداً من أسماء الفتيات الأكثر شعبية في إنجلترا
النهاية المأسوية للأطفال الضائعين
- هذه القصة التراجيدية لم يكن لها نهاية سعيدة أيضاً .. فقد توفى ( آرثر ديفيز ) بسرطان الفك , وترك السيدة ( سيليفيا ) حرة من بعده لتتزوج من ( جيمس باري ) , ولكن عندما هم ( باري ) لتقديم خاتم الزفاف لـ ( سيلفيا ) , توفيت أيضاً بسرطان الرئة .. فأصبح ( باري ) وصياً على خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين ( 7 - 17 عاماً ) .
- وقد كرس ( باري ) حياته للأطفال وإعتنى بهم وبتعليمهم , ولكن الإبن الأكبر ( جورج ) والمحبب لـ ( باري ) , توفى في الحرب العالمية الأولى عام 1915 , ومات ( مايكل ) غرقاً عندما كان يتعلم السباحة في جامعة أكسفورد , أما ( جون ) فقط تزوج ،ونأى بنفسه عن باري , والشاب ( بيتر ) إنتحر بإلقاء نفسه أمام القطار حينما كان في الـ 21 من العمر ...
- لذا إنتهى الحال بـ ( جيمس باري ) بإنه أصبح مشهوراً , ثرياً ووحيداً وحزيناً .. ويقال بإنه ذبل قبل أوانه حتى توفي عام 1937 , وقيل إنه قد تبرع بجميع عائدات حقوق التكاليف والنشر لحكايات ( بيتر بان ) لمستشفى أورموند ستريت للأطفال المرضى في لندن , وقد إمتدت عائدات حقوق التأليف لـ ( جيمس باري ) لأكثر من 50 سنة قدرت بملايين الدولارات, مما سمح لتلك المستشفى بتقديم أفضل الرعاية الصحية للأطفال بسبب الصبي الذي لم يكبر أبداً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق